الأربعاء، 28 نوفمبر 2012

التفكير الرياضي

التفكير الرياضي
 مقدمة: لقد جعل أرسطو aristote من المنطق مقدمة لكل العلوم، غير أن الطابع التحليلي في لمنطق جعل الكثير يصفه بالعقيم لأن النتيجة متضمنة في إحدى المقدمتين وفي المقدمة لكبرى على وجه الخصوص، مما أدى إلى البحث عن منطق جديد للعلم هو المنطق المادي والبحث عن مدخل لمختلف العلوم فرض الرياضيات التي أصبحت لغة للعلم بدلا عن لغة المنطق. وأصبحت الأنظار مشدودة إليها تؤكد قيمتها وأهميتها، وفي هذا الإطار تطرح أسئلة كثيرة، ماذا يراد بالرياضيات؛ ما هو موضوعها؟
 ما هي المبادئ التي تقوم عليها؟ كيف يحقق الرياضي قضاياه؟
ثم ما هو موقعها في الفكر الإنساني عموما وما أثارها في العلم على وجه الدقة؟ 
مفهوم الرياضيات: الرياضيات علم يختص بدراسة الكم أو المقدار القابل للقياس، سواء كان هذا الكم متصلا [هندسة] أو كان كما منفصلا [حساب]. 
1. الكم المتصل: يسمى هذا الكم متصلا تعبيرا عن موضوعات الهندسة [أطوالا، مساحات، أشكالا،...الخ]
إذ يلاحظ عدم وجود فجوات بين وحداته فالمستقيم هو عدد لا نهائي من النقاط المتصلة على استقامة واحدة، يتميز الكم المتصل أو الهندسي بأنه كم عقلي مشخص يفترض مكانا. 
2. الكم المنفصل: وهو موضوع للحساب يتميز موضوعه بأنه مجرد وسمي منفصلا لانفصال وحداته ووجود ثغرات أو فجوات بينها فمثلا العد 1-2-3....الخ فبين هذه القيم عدد لا نهائي من لقيم. تطور هذا الفرع فظهر الجبر مع الخوارزمي ثم التحليل مع ديكارت.
نتيجة: الرياضيات علم يختص بدراسة المفاهيم الكمية المجردة.
مبادئ الرياضيات: طالما أن موضوع الرياضيات نظري فالأكيد أن الرياضي سينطلق من مبادئ ضرورية لهذا النمط من التفكير وقد حدد أقليدس 03 أنواع من هذه المبادئ، ظل ينظر إليها على أنها ضرورية لكل رياضي وهي: 
1. البديهيات axiomes - évidence يقصد بالبديهية كل قضية واضحة بذاتها لا تحاج إلى برهان أو كما يقال هي حكم تحليلي محموله متضمن في موضوعه فمبادئ العقل مثلا بديهيات. وفي الرياضيات حدد إقليدس 05 بديهيات هي: الكميات المتساوية فيما بينها تظل كميات متساوية إذا أضيفت كميات متساوية إلى أخرى متساوية أعطية كميات متساوية. إذا طرحت كميات متساوية من كميات متساوية أعطيت كميات متساوية. الكميات المتطابقة متساوية.
 الكل أكبر من الجزء
مميزات البديهية: واضحة بذاتها لا تحتاج إلى برهان تتميز البديهية بأنها عامة تلزم جميع العقول كما تلزم في جميع المعارفتتميز البديهية بأنها ثابتة سابقة عن التجربة تدرك بالبداهة بشكل حدسيمن نسيج العقل. 
المسلمة: postulats وهي قضية بسيطة يضعها العالم ويطالبنا بالتسليم بها على أساس أنه سيبني عليها نسقا رياضيا متماسكا. وأشهرها في الرياضيات تلك التي حددها إقليدس.
من الممكن الوصل بين أية نقطتي بخط مستقيم يمكن مد القطعة المستقيمة من جهة إلى ما لا نهاية. يمكن رسم الدائرة إذا علم مركزها ونصف قطرها. الزوايا القائمة متساوية.
من نقطة خارج مستقيم لا يمكن أن يمر إلا مواز واحد لذلك المستقيم خصائص ومميزات المسلمة: قضية بسيطة ولكنها أقل وضوحا من البديهية المسلمة خاصة في مقابل البديهية التي توصف بأنها عامة أي خاصة بالعالم لذي يضعها كما تختص بالمجال المعرفي. المسلمة متغيرة. بعدية. 
التعريفات: يراد بالتعريف تحديد مفهوم أي حد أو لفظ بذكر خصائصه الجوهرية قدر الإمكان، وإذا استثنينا البديهيات والمسلمات فما تبقى في الرياضيات عبارة عن كائنات أو مفاهيم، أي أنها مصدر ثراء الرياضيات ، ويميز الرياضيون بين تعريفات تحليلية وأخرى تركيبية. 
البرهان الرياضي: طالما أن الرياضي يتناول موضوعا نظريا مجردا وينطلق من مبادئ عقلية فالأكيد أن المنهج الذي يتبعه الرياضي هو منهج عقلي أي أن طريقة البرهنة في الرياضيات استنتاجية ينتقل فيها الرياضي من مقدمات وصولا إلى نتيجة لازمة بصورة ضرورية، على أن طابع الحركة في البرهنة الرياضية وفي الاستنتاج الرياضي ثنائية يمكن أن تكون تحليلية أو تركيبية. أ. البرهان التحليلي: وهو الذي ينطلق فيه الرياضي من قضايا معقدة أو عامة إلى قضايا بسيطة أو خاصة قد تكون مبدءا من المبادئ لسابقة. 
مثلا: البرهنة على أن مجموع ضلعي أي مثلث أكبر دائما من الضلع الثالث.
 ترد هذه القضية إلى المسلمة القائلة: المستقيم أقصر بين نقطتين. ب.
البرهان الرياضي التركيبي: وهو الذي ينطلق فيه الرياضي من قضايا بسيطة أو خاصة في حركة إنشائية تركيبية ليصل إلى نتيجة معقدة أو عامة. مثلا" ضرب معادلتين من الدرجة I يؤدي وينتج معادلة من الدرجة
II مشكلة أساس الرياضيات: إن ما وضحناه سابقا من مبادئ وطريقة للبرهنة فهو في الحقيقة متعلق بما يعرف بالرياضيات التي وضعها وأسس لها إقليدس وظلت تلك المبادئ كذلك إلى غاية القرن 19 حينما حاول لوبا تشوفسكي (1793-1856) أن يبرهن المسلمة 05 لإقليدس فوجد نفسه أمام نسق جديد، إذا افترض أن من نقطة خارج مستقيم يمكن أن نمرر عددا لا متناهيا من الموازيات ثم محاولة ريمان (1826-1866) الذي افترض أنه من نقطة خارج مستقيم لا يمكن أن نمرر أي مواز على الإطلاق ليجد هو الآخر نفسه أمام نسقا ثالثا متميزا.
مثلا: نسق ريمان نسق لوبا تشكوفسكي نسق إقليدس- السطح كروي محدود > 0- من نقطة خارج مستقيم لا يمكن أن نمرر أي مواز على الإطلاق.- مجموع زوايا المثلث أكبر من 180 - السطح مقعر يمتد إلى ما لانهاية انحناؤه أقل من الصفر- من نقطة خارج مستقيم يمكن تمرير عدد لا نهائي من المتوازيات- مجموع زوايا المثلث< 180 السطح مستو يمتد إلى ما لانهاية إنحناؤه = 0- من نقطة خرج مستقيم لا يمكن أن نمرر إلا مواز واحد فقط - مجموع زوايا المثلث= 180 هذه الملاحظات طرحت السؤال التالي: هل المبادئ التي وضعها إقليدس ضرورية في الرياضيات أم أن هذه المبادئ لا تلزم إلا الرياضيات الإقليدية التقليدية؟
هل يعني ذلك أننا لا يمكن الحديث عن بديهية في الرياضيات؟ وإذا كان هذا الفرض ممكنا كيف سننظر إلى اليقين الرياضي هل مطلق أم نسبي؟ الموقف I أنصار الرياضيات التقليدية: المبادئ في الرياضيات بديهيات ثابتة ومن ثمة فالمبادئ لازمة لكل رياضي حفاظا على اليقين الرياضي، لقد ظل ديكارت معجبا بفكرة البداهة وجعلها من الأفكار الفطرية الخالدة، وسعى جاهد لتصور منهج في الفلسفة، قائما على البداهة "لا أقبل شيئا على أنه صحيح إلا إذا كان بديهيا" وعليه فمهمة الرياضي هي الإضافة وليست إعادة النظر. إن الغاية من الالتزام بمبادئ الرياضيات كما وضعها إقليدس هي ضمان اليقين للرياضيات. النقد: يبدو هذا الموقف متماسكا من الناحية النظرية، ولكن تاريخ الرياضيات وتطورها أثبتا العكس، إذ أمكن مراجعة المسلمة الخامسة لإقليدس. الموقفII: أنصار الرياضيات الأكسيومية: إذا عدنا إلى الأنساق لسابقة تبين لنا أن الرياضيين المحدثين لا يرون حرجا في إعادة النظر في المبادئ.
 ليس هنا بديهيات ثابتة، بل الموجود أوليات Axoimes وهي قضايا بسيطة لا نحكم عليها لا بالصدق ولا بالكذب، بل مجرد منطلقات يحق للرياضي أن يضع منها ما يشاء وفعلا لقد استطاع ريمان أن يفترض أنه من نقطة خارج مستقيم لا يمكن أن نمرر أي مواز على الإطلاق وافتراض لوباتشوسكي أنه من نقطة خارج مستقيم يمكن أن نمرر عددا لا نهائيا من المتوازيات. 
النقد: رفض البديهيات ترتبت عليه أزمة حادة في الرياضيات عرفت بأزمة اليقين الرياضي 
نتيجة: في ظل الجدل السابق انتهت الرياضيات إلى أن تعدد الأنساق أصبحت حقيقة قائمة وليس من حق أيا كان أن يقيس نتائج نسق بنسق آخر بل كل نسق يتوفر على اليقين طالما هنالك تماسكا منطقيا بين النتائج والمقدمات ليصبح وضع الأوليات شرطا في الرياضيات الحديثة. 
مشكلة الرياضيات والمنطق:
أ. ضبط المشكلة: تنتمي الرياضيات إلى العلوم الصورية فموضوعاتها نظرية مجردة ومنهجها استنتاجي تلزم فيه النتائج عن المقدمات وهو أمر مر بنا في المنطق الصوري، إذ يتميز الاستدلال فيه بكونه استنتاجيا، ثم أن تطور الرياضيات انتهى إلى ما يسمى بالمنطق الرياضي فهل يعني أن الرياضيات ترتد إلى أصول منطقية أم أن الرياضيات رياضيات والمنطق منطق؟
ب. التحليل:
1. الموقف الرياضي: ينظر الرياضيون باستعلاء إلى المنطق، ورفضوا أن ترد الرياضيات إلى المنطق لأنها ببساطة علم مستقل بكل المعاني.
إن عناصر الاختلاف والتباين بين الرياضيات والمنطق أقوى من عناصر التشابه، فمن ناحية النشأة تعود الرياضيات إلى واضع مبادئها إقليدس ويعود المنطق إلى الفيلسوف أرسطو، الرياضيات علم مستقل والمنطق مدخل للفلسفة كما يختلفان في الموضوع والمنهج والنتائج، فالموضوع الرياضي، كمي، رمزي بينما الموضوع المنطقي، لغوي، كيفي أم المنهج فهو في الرياضيات تحليلي وتركيبي لا يكتفي بالبرهنة بل يؤدي إلى الإبداع بينما الاستدلال المنطقي تحليلي فقط يصلح للبرهنة والإقناع، لينعكس كل ذلك على النتائج فهي كمية إبداعية في الرياضيات، تحصيل حاصل في المنطق، هذا الموازنة تفيد أن الرياضيات علم مستقل لا يرتد إلى الرياضيات ومن دعاة هذا الطرح، هنري بوانكاري وقوبلو...الخ. 
النقد: يصح هذا الموقف لو كان القصد بالرياضيات تلك التي وضع أقليدس أسسها وبالمنطق، المنطق الأرسطي ولكن الرياضيات لم تبق كما وضع إقليدس مبادئها ولم يبق المنطق كما أراده أرسطو، فظهور المنطق الرمزي يدفع إلى إعادة النظر. 
2. الموقف المنطقي: دافع برتراند راسل بقوة على الموقف القائل أن الرياضيات في تطورها انتهت إلى المنطق وهو يقصد المنطق الرياضي الذي يعد أعلى شكل بلغته الرياضيات في هذا التطور يتحدى راسل الرياضيين والمناطقة على حد سواء أن يضعوا خطا فاصلا بين الرياضيات والمنطق، ... فالمنطق يمثل طور الرجولة والنضج والبلوغ للرياضيات والدليل منجزات المنطق الرياضي. 
النقد: يبدو أن راسل يعني في نظريته المنطق الرياضي وهو من هذا الزاوية صحيح ولكن الرياضيات ليست هي المنطق الرياضي. نتيجة: لا ترتد الرياضيات إلى المنطق إلا جزئيا. مشكلة أثر الرياضيات في العلوم [الرياضيات ومعرفة الواقع]: كيف تكون معرفة الواقع، معرفة رياضية؟ 
أ. ضبط المشكلة: كتب أرسطو قائلا: "إن نبل الرياضيات يرجع إلى أنها لا تحقق أية منفعة" بمعنى أن قيمة الرياضيات تكمن في كونها نظرية مجردة منزهة عن كل ما هو مادي، وسميت الرياضيات كذلك لأنها رياضة عقلية، لكن ظهور العلوم المختلفة واستعارتها لغة الدقة من الرياضيات، غير النظرة إلى الرياضيات وأصبح يعول عليها كثيرا في فهمنا للواقع فكيف ذلك؟ أين يتجلى أثر الرياضيات وما قيمة هذا التأثير. ب. التحليل:
 أ. تتميز الرياضيات بخاصيتين أساسيتين:
أولا كونها كمية دقيقة تعبر عن قضاياها في صورة رموز تعوض التعبير اللغوي المتداول وما فيه من مخاطر الذاتية وتجنب الفكر الوصف الكيفي الساذج.
ثانيا كونها عقلانية صورية تجد انسجامها في منطقها وكأن الرياضيات جمعت بين خاصيتين جوهريتين الدقة من جهة واليقين من جهة ثانية، هذا ما جعل الرياضيات مطمح العلوم، بل أصبحت علمية العلم موقوفة على مدى لتشبيه بالرياضيات إذ عدها أو جست كونت "آلة ضرورية لجميع العلوم" ووصفت بأنها "العلم السيد"... ب. نقرأ هذا التأثير في العلوم التجريبية المختلفة، فإذا أخذنا على سبيل المثال الفيزياء لتبين لنا أن النقلة النوعية في هذا العلم كانت مع غاليلي الذي كان يقول: "إن الطبيعة كتاب مفتوح نقرأ فيه بلغة رياضية" بل يردف قائلا: "إن الفيزياء الحقة هي تلك التي تمارس ممارسة قبلية" أي تتصور في الذهن قبل أن تمارس في الواقع العملي وكأن الفيزياء ما أصبحت علما إلا حينما استعارت الخاصيتين التكميم والعقلنة، إن تأثر الفيزياء بالرياضيات لم يبق في حدود اللغة والرمز بل أصبحت دقة القانون مرهونة بصياغتها رياضية... يمكن أن نواصل كشف تأثير الرياضيات في كل العلوم [الفلك، البيولوجيا، العلوم الإنسانية...الخ].
ج. نكتشف من المثال السابق أن الرياضيات وغن كانت في طبيعتها نظرية ومنزهة عن الواقع، إذ يتعامل الرياضي مع كائنات مجردة فإن أثرها كان عظيما في فهم الواقع ويمكننا أن نعمم لنقول أن أثرها شمل حتى الفلسفة فالعقلانية الحديثة جرحت من عقلانية تقول أن لعقل وعاء به مبادئ كما كان يتصور ديكارت إلى عقلانية تنظر إلى العقل كطاقة للمعرفة تضع ما تشاء من المبادئ يذكرنا هذا بقول فيثاغورس قديما الكون أعداد. .

المسؤولية و الجزاء


المسؤولية و الجزاء
مقدمة: يوصف الإنسان بأنه كائن أخلاقي بحاكم أفعاله ومن دون شك أن هذا التقييم وهذه المحاكمة نابعة من كون الإنسان مكلفا يشعر بالإلزام مرة أمام نفسه ومرة أمام غيره وهذا الإلزام يجعلنا نصفه بأنه مسئولا فماذا نعني بالمسؤولية ؟ ومتى يكون الإنسان مسؤولا؟...الخ.
مفهوم المسؤولية: قد يفهم من المسؤولية في معناها العام الشائع السلطة وحينها يكون حب المسؤولية مساويا لحب السلطة أو كأن يقال جاء المسؤول الفلاني أي من يشغل منصبا معينا بيده الحل و الربط - لكن هذا المعنى يبدو سطحيا و ضيقا فهو لا يكشف عن طبيعة المسؤولية كما يجعلها من اختصاص أفراد دون آخرين.
أما لغة فالمسؤولية مشتقة من السؤال وهي تعني من كان في وضع السؤال والمساءلة.
وفي الاصطلاح: وهي الوضع الذي يجب فيه على التفاعل أن يسأل عن أفعاله - أي يعترف بأنها أفعاله و يتحمل نتائج هذه الأفعال وكما يقال باختصار:- هي "التبعية التي تلزم عن الفعل".
شرطا المسؤولية: إن قراءة التعريف السابق تكشف على أن الوضع الذي يكون فيه الفاعل مسؤولا عن أفعاله هو وضع مشروط و ليس مطلقا.
وهذا يعني أن المسؤولية لا تقوم إلا بشرطين هما:
العقل: ومعناه القدرة على التمييز في الأفعال بين حسنها وقبيحها وهذا الشرط يستثني بالضرورة الطفل الصغر الذي لم يبلغ سن الرشد و لم تسمح له مداركه معرفة الخير والشر, كما تستبعد الدواب والبهائم لأنها فاقدة أصلا لهذه الخاصية وهذا ما يجعل المسؤولية ظاهرة إنسانية.
الحرية: ونعني بذلك قدرة الفرد على القيام بالفعل وقد اتخذ المعتزلة من التكلف دليلا على الحرية الإرادة و هذا يكشف عن ارتباط الفعل بحرية صاحبه- وهذا الشرط يستثني الواقع تحت إكراه كالعبد.
أنواع المسؤولية: إن القراءة المتأنية دوما للتعريف السابق تدفعنا إلى سؤال ما هي السلطة التي يكون الإنسان مسئولا أمامها؟
هناك مواقف يكون الفرد مسؤولا أمام نفسه و لا يحاسبه القانون على ذلك كان لا يفي الفرد بوعد قطعة على نفسه ' وهناك مواقف يكون الفرد مسؤولا ليس أمام نفسه فقط: بل أمام الغير سواء من خلال العرف أو القانون. وتبعا لذلك فالمسؤولية نوعان :
-1 مسؤولية أخلاقية :

وهي التي يكون فيها الفاعل أمام سلطة الضمير الأخلاقي
ذاتية داخلية أساسها المطلق النية
أو الباعث فقد يبدو لنا أن الشخص مجرما سفاحا وهو يشعر في قرارة نفسه بأنه ليس كذلك
الجزاء فيها شعوري نفسي
الجزاء فيها ثنائي ثواب وعقاب
-2 مسؤولية اجتماعية
وهي التي يكون فيها الإنسان أمام سلطة المجتمع
موضوعية
خارجية
أساسها نتيجة الفعل بالدرجة الأولى وخاصة في المسؤولية المدنية التي لا تنظر إلا إلى الضرر
-الجزاء فيها مادي تعويض أو قصاصا أو هما معا
الجزاء فيها.....يغلب عليه طابع العقابد
رغم هذا التمايز إلا آن التداخل بينهما قوي فالمسؤولية الأخلاقية أساس للمسؤولية الاجتماعية في نظر الأخلاقيين على الأقل إذا لا يستطيع الإنسان أن يتحمل نتائج أفعاله أقام الآخرين , إذا لم يكن لديه شعورا بالمسؤولية . بينما ينظر الاجتماعيون إلى أن المسؤولية الاجتماعية هي الأساس بحكم أن الشعور الأخلاقي (الضمير) هو نتيجة حتمية للنشأة والتربية وهو انعكاس للواقع الاجتماعي .
مشكلة وظيفة الجزاء
ضبط المشكلة: لا يختلف اثنان على أن الجزاء هو النتيجة الطبيعية لكون الإنسان مسؤولا لا يتحمل تبعات فعله أو كما يقال هو ما يستحقه الفاعل من ثواب أو عقاب, على أن الجزاء في المسؤولية الاجتماعية يأخذ في الغالب طابع العقاب, بمعنى إذا تم خرق القانون و الاعتداء على حقيقة الغير وممتلكاتهم اعتبر الفاعل جانيا مجرما وجب عقابه جزاءا لجنايته أو جرمه.
لكن تقدم العلوم الإنسانية و الاهتمام بالسلوك الإجرامي و البحث في أسبابه حول الأنظار إلى وظيفة الجزاء أو العقاب و طرح السؤال التالي: لماذا نعاقب الجاني إذا جنى و المجرم إذا أجرم هل نعاقبه لاعتبارات أخلاقية أو الاعتبارات اجتماعية إصلاحية ؟ بمعنى هل الغاية من العقاب هي إحقاق وإنصاف العدالة أو الغاية من اجتماعية هي الإصلاح والعلاج والمداواة وكف الجريمة ؟
التحليل:
أولا: النظرية العقلية الأخلاقية والمثالية والكلاسيكية
داب الفلاسفة المثاليون منذ القيد على النظر الإنسان بوصفه كائنا متميزا عن غيره
من الكائنات وهو يتميز بخاصتين جوهريتين تشكلان إنسانية وكينونة أولهما العقل وثانيهما الحرية والقدرة على الاختيار ولما كان كذلك فهو مسؤول بشكل مطلق يتحمل نتائج أفعاله كاملة وبموجب هذه المقدمات يكون الجزاء ضروري في جميع الأصول و الغاية منه بالاساس: هي إحقاق الحق وإنصاف العادلة الأكثر و لا اقل ويقصد بإحقاق الحق, أن الجاني يأخذ جزاءه بوصفه إنسانا يستحق أن تلتحق به نتائج أفعاله وفي هذا السياق يؤكد العقلانيون منهم كانط أن الجزاء حق من حقوق الجاني لا ينبغي إسقاطه احتراما لإنسانيته أما إنصاف العدالة فتعني الحرص على المساواة أمام القانون إذ لا ينبغي النظر إلى الفاعل ومن يكون ؟ وما هي ظروفه؟ ثم المساواة بين الجرم و العقوبة إذ لا ينبغي أن يكون الجزاء أكثر أو اقل من الفعل, وفي جميع الأحوال لا محل للبواعث و الأسباب, لقد قال افلاطون قديما :"أن الله بريء و أن البشر هم المسؤولون عن اختيارهم الحر , والى شيء من هذا يذهب كانط غلى أن الشرير مختار الله بإرادة حرة ."
النقد: من الضروري أن يلحق الفعل بفاعله, وان يتحمل الفرد نتائج أفعاله و لكن الإصرار على وصف الإنسان بالكائن المتميز الحر و العاقل الذي لا يخضع فيه تجاهل للواقع وضغوطه وهو ما يدفع باستمرار إلى طرح السؤال هل من المنطقي والمعقول أن يختار الإنسان بعقله وحريته الشر مجانا؟
يعتقد الحتميون أن المجرم مجرم بالضرورة وطبقا لصرامة التفكير ولك بصفة عامة على ؟انه محصلة حتمية لأسباب سابقة و يصدق ذلك بشكل أو في على جريمة فهي ظاهرة طبيعية تربط بأسباب موضوعية يكفي كشفها و ضبطها وتحدد الوسائل التي نحد بها من تأـثيرها حتى تختص الجريمة بشكل تلقائي وحتمي و عليه فالجزاء كجزاء لا معنى له بل ينبغي الكف وطلاقا عن توظيف مفاهيم مثالية نظرية ميتافيزيقية في مجال العلم وإذا اقترضنا انه من الضروري أن نعاقب فلا يكون العقاب هدفا في حد ذاته بل يهدف كف الجريمة والقضاء عليها كحال المجرم بالعادة في نظر لومبروزو الذي ينبغي ا استئصاله ونفيه وعزله عن المجتمع أو حال المجرم بالضرورة الذي لا آمل و لا رجاء في علاجه أو إصلاح حاله إذ ينبغي القضاء عليه قبل ارتكاب الفعل وهو نفس الشيء الذي يسميه الاجتماعية وان وإجراءات الدفاع الاجتماعي والتي نذكر منها
الحيلولة بين المجرم و المجتمع حتى لا يكون خطرا على المجتمع (العزل)
التحقيق لمعرفة الأسباب
تحديد الإجراءات الملائمة

وفي جميع الأحوال يتجه مجهود الوضعيين إلى تامين الحياة الاجتماعية وكف الجريمة ومن ثمة يظل الهدف من الجزاء اجتماعيا فقط ولا نميز.
نقد: إن كان لا نعترض على صيغة الدراسة العلمية للسلوك وتحديد أسبابا الجريمة و لا نعترض كذلك على تامين الحياة الاجتماعية من الجريمة إلا أن منطق الحتميين قادر إلى عكس النتائج المتوقعة فالجريمة ازدادت انتشارا في المجتمعات التي استجاب تشريعها لنداءات الوضعيين الحتميين.

المشكل الأخلاقي


المشكل الأخلاقي
مقدمة: إذا كان الإنسان يختار فعاله الحرة بصفة إرادية وفي حدود معينة فهذا الاختيار يكون بين ممكنين على الإنسان في ذلك يعي ما يختار، أي لا يتم الاختيار إلا بعد تقييم ثم يترتب عليه الإقدام أو الأحجام فنقدم على الفعل إذا كان حسنا ونحجم عنه إذا كان مستهجنا، فلو أخذنا فعل السرقة، وفعل العمل، لوصفنا الأول بأنه قبيح رغم ما يترتب عليه من أثار مادية كالربح ونصف الثاني بأنه حسن رغم ما به من تعب ونصب، وهذا يعني أن الأول فعل لا أخلاقي أي انه شر أما الثاني فهو فعل أخلاقي وهو خير.
إن ما ينتج عن هذه الموازنة هو أن الإنسان العادي السوي ينشد الخير وينفر من الشر وهذا أمر عادي ومعروف ولكن الموضوع سيصبح إشكاليا لو طرح السؤال متى يكون الفعل خيرا؟ ومتى يكون شرا؟ هل ما كان خيرا سيظل كذلك ؟

أم أن ما هو خير اليوم يمكن إن يصبح شرا غدا؟
أن هذه التساؤلات تفرض علينا مستوى من التحليل يبدل بضبط مفهوم للقيمة الأخلاقية ذاتها .
معنى القيمة الأخلاقية : القيمة في اللغة تعني المقدار فيقال قيمة الشيء مقداره وقيمة المتاع ثمنه ويطلق من الناحية الذاتية على الصفة التي تجعل من ذلك الشيء مرغوبا ومطلوبا ، أما الناحية الموضوعية فتطلق على ما يتميز به الشيء ذاته من صفات تجعله مستحقا للتقدير إن كثيرا أو قليلا . أما في الأخلاق فلفظ القيمة الأخلاقية يعني الخير ونقيضه الشر، بحيث تكون قيمة الفعل فيما يتضمنه من خيريه أو ما نرى فيه من خيريه وكلما كانت المطابقة بين الفعل والصورة الغائية للخير كلما كانت قيمة الفعل اكبر .
طبيعة القيمة الأخلاقية:

أ- ضبط المشكلة: إذا كان من السهل أن يقال أن القيمة الأخلاقية هي المطابقة بين الفعل والصورة الغائية للخير فما طبيعة هذه القيمة؟ هل الخير خير في ذاته ومن ثمة فصورته ثابتة، موضوعية، مطلقة لتكون القيمة الأخلاقية موضوعية مستقلة عنا وعن كل ما يطرأ في حياة الناس من تغيرات أم أن القيمة الأخلاقية (الخير) ذاتية لتكون صورته الغائية متغيرة، نسبية، تتصل بالزمان والمكان ؟
بصورة وجيزة هل طبيعة القيمة الأخلاقية موضوعية أم ذاتية.؟
ب- التحليل:

1- القيمة الأخلاقية موضوعية: يذهب المثاليون إلى الاعتقاد أن القيم الأخلاقية ينبغي أن تكون موضوعية مستقلة عن عالم الكون والفساد. فأفلاطون قديما يعتقد أن الفضيلة موجودة في عالم المثل، والروح تأتي منه وهي محملة بالفضيلة، وعليه فما كان خيرا سيظل كذلك والروح تدرك بذاتها ما في الفعل من خيرية من خلال التذكر. على أن الفكرة تزداد وضوحا مع كانط الذي سلك منهجا نقديا قاده بالضرورة إلى افتراض ثلاث خصائص للقيمة الأخلاقية حتى تكون قيمة بالمعنى الإنساني الموضوعية والثبات والمطلقية، وإلا لم ولن تستطيع القيم الأخلاقية أن تكتسب الطابع الإنساني .
وقد تذهب المعتزلة في الفكر الإسلامي إلى أن في الفعل من الصفات ما يجعله خيرا، الشرع مخير والعقل مدرك. فالفعل الخير كالجوهرة فيه من الصفات الموضوعية ما يجعله خيرا, ويذهب فولتر إلى أن الخير يعرف بداهة ولا يختلف فيه اثنان مهما اختلف الزمان والمكان فالراعي التتري والصباغ الهندي والبحار الإنجليزي يتفوق على أن العدل خير والظلم شر, ومعناه إن في العدل من الصفات ما يجعله خيرا بشكل موضوعي وثابت ومطلق.
النقد: يتضح من هذا الطرح أن القول بموضوعية القيم الأخلاقية هدفه تامين اليقين للقيم الأخلاقية وتجاوز كل تضارب أخلاقي يفقد القيم الأخلاقية طابعها الإنساني وهو مسعى لا نعترض علبيه ولكنها طرح يتجاوز الوقائع من جهة ويتجاوز الحياة الإنسانية من جهة ثانية لأن النظر في الواقع يفيد أن لكل بيئة اجتماعية ثقافية نظاما من القيم يخالف بيئة أخرى فإذا كان العدل مثلا مطلبا إنسانيا فهو لا يطبق بنفس الكيفية فالعدل كما يراه الصباغ الهندي يختلف من طبيعة ذاتية:- ( يمكن إدراج وجهة نظر الاشاعرة ضمن الاتجاه الذاتي). يذهب أنصار الاتجاه الذاتي الذي يشمل ذوي النزعة الواقعية التجريبية أن القيمة الأخلاقية ذاتية بنت بيئتها زمانيا ومكانيا, فإذا كنا نعيش عالما يتسم بالتغير فالأكيد إن القيم الأخلاقية تتغير ولا وجود لقيم موضوعية هي بذاتها ثابتة .فالنفعيون والاجتماعيون والعاطفيون يتفقون على أن القيم الأخلاقية ذاتية نسبية متغيرة مثلما تتغير المنافع وتتغير البيئات وتتقلب العواطف وخير دليل الواقع , إن تمثلنا للقيم وتبنينا لها يخضع لما نتلقاه من تربية وتلقين, وما يلاحظ من تقارن بين الناس و بين البيئات الثقافية لذا كان حقد نيتشة على كانط كبيرا حينما زعم نمطا أخلاقيا متعاليا إنسانيا لأن الواقع يفرض نظاما من الأخلاق تبعا لموقع الفرد الطبقي, الثقافي....الخ.
وفي الفكر الإسلامي ناهض الاشاعرة دعوى المعتزلة واعتقدوا أن الحسن والقبيح شرعيان وليسا عقليان , مختلفان باختلاف الشرائع.
النقد: إن كنا لا نستطع إن نقفز فوق الواقع الذي يثبت أن لكل نظام ثقافي منظومة أخلاقية يساهم في إرسائها المعتقد الديني والواقع الثقافي والوضع التاريخي فإننا في المقابل نؤكد أن هذه النظرة تمثل الأخلاق كممارسة وهنا نفهم أن طبيعة القيم الأخلاقية من حيث الممارسة متغيرة وتتأثر بالذات في حين أن النظر أليها من جهة الطبيعية النظرية وفي صورة إنسانية تبدو ثابتة.
نتيجة: تتأثر طبيعة القيمة الأخلاقية بالزاوية التي ننظر منها إلى القيمة فمن الناحية النظرية تبدو مطلقة لوضعية ثابتة حتى أن نحكم الحياة الإنسانية , أما من الناحية العلمية فهي تتأثر بالزمان والمكان ليغلب عليها الطابع الذاتي.
أساس القيمة الأخلاقية: إذا كان الاختلاف قائما حول طبيعة القيمة الاخلاقية فأن هذا الاختلاف امتد أيضا إلى الأساس الذي تقوم عليه هذه القيمة ومن ثمة يطرح السؤال ما هو المعيار الذي بموجبه يغدو الفعل خيرا أو شرا ؟ هل يمكن أن تكون التجربة القائمة على اللذة والألم والنفع والضرر أساسا موجها لأحكامنا الاخلاقية أم أن التجربة تعجز عن ذلك لتضارب اللذات و المنافع و عليه لا يكون الأساس سوى عقليا بعيدا عن الميول والعواطف والهواء أم أن العقل هو الآخر لا يكفي لأنه قد يؤدي إلى أحكام صورية نظرية يصعب تطبيقها و بالتالي يكون التفكير في المجتمع كأساس لأحكامنا الاخلاقية , فما حسنه المجتمع كان حسنا وما قبحه كان قبيحا ؟

وبصيغة موجز هل أساس القيمة الاخلاقية هو الطبيعة البشرية ( اللذة والالم) أم الطبيعة الإنسانية العاقلة (العقل) آم الطبيعة الاجتماعية ؟
أ- المذهب التجريبي: (من اللذة إلى المنفعة) يعد هذا المذهب من أقدم المذاهب الفلسفية إذ تعود جذوره الأولى إلى الفكر اليوناني إذ يذهب ارستيب إلى تأكيد أن اللذة هي مقياس الفعل، بل هي الخير الأعظم، هذا ما يلائم الطبيعة البشرية التي تنجذب بصورة تلقائية وعفوية إزاء ما يحقق لها متعة الحياة وتنفر في المقابل من كل ما يهدد أو يقلل من هذه المتعة هذا هو صوت الطبيعة ، فلا خجل ولا حياء ، أن اللذة المقصودة عنده هي لذة الجسد وأقواها إطلاقا لذة البطن ويلزم على ذلك أن كل القوى تتجه نحو تأكيد وتمجيد هذا المقياس . لكن اتباع هذا المذهب عدلوا من هذا الطرح لأنه يتضمن صراحة الإساءة إلى حياة إنسانية يقترض فيها التميز عن حياة حيوانية هذا ما يؤكد ابيقور والابيقوريون.الذين ميزوا بين الذات يعقبها الم وأخرى نقية لا يعقبها الم الأولى ليست مقياسا للفعل الاخلاقي هي لذة الفساق كالخمر والنساء، وبينما هي أساسه وانتهى ابيقور
Epicure) (341-270 ق م التي تتوافق اكثر مع طبيعة الإنسان هي اللذات الروحية من قبيل الصداقة وتحصيل الحكمة ، وهي لذات تستلزم الاعتدال في السلوك، بينما رفع الرواقيون Les stoicims اللذة إلى مستوى روحي أعلى ومقياس اللذة عندهم كل ما يحقق السعادة، ولا تتحقق السعادة إلا إذا عاش الفرد على وفاق مع الطبيعة .
أما الفلاسفة المحدثون الذين يعد فكرهم امتداد لمذهب اللذة فقد جعلوا من المنفعة أساسا للفعل ويظل الاختلاف بين النفعيين في أي المنافع يصلح مقياسا للفعل فقد حرص جريمي بنتام على وضع مقاييس للمنفعة، كالشدة والدوام واليقين والقرب والخصوبة والصفاء أو النقاء والسعة أو الامتداد ، ومع ذلك لم يخرج بنتام عن الأنانية السائدة في تصوره لمذهب المنفعة فهو يشترط في نقاء اللذة إلا تنطوي على تضحية من جانب الشخص للآخرين وهذا ما رفضه جون استورت مل الذي اثر المنفعة العامة عن المنفعة الخاصة . وهو ما سبقه إليه جون لوك (1704-1632 ) الذي يذهب إلى أن الغاية من الاختلاق اجتماعية. 

النقد : يتميز هذا المذهب بنظرية الواقعية آذ لا احد يتصرف ضد مصالحه ومنافعه وهذا ليس أمرا سيئا , لكن السيئ في الموقف هو الاكتفاء باللذة و المنفعة موجها للفعل و إلا ترتب على ذلك تضاربا في القيم نتيجة لتضارب المصالح.
ب- المذهب العقلي: يذهب نيون إجمالا إلى اتخاذ العقل مقياسا للفعل فقد قرن سقراط الفضيلة بالمعرفة, لكن جميع الدارسين يقفون على محاولة كانط التي تعد أهم محاولة لتأسيس الأخلاق لسببين , الأول وضع الأخلاق على محك النقد في محاولة لكشف الشروط القبيلة للفعل الاخلاقي و الثاني إيجاد مقياس يسمح لكل ذي عقل أن يميز بين الفعل الاخلاقي واللاخلاقي فعن السبب الأول رفض كانط رهن الواجب الأخلاقي لغايات تخرج عنه, بصيغة أوضح رفض كانط بتأسيس الأخلاق على التجربة الحية لما يطالها من تغير وتبدل وما ترتبط به من غايات خارجة عن الفعل ,وهذا معناه أن الفعل الأخلاقي لا يكون كذلك إلا لذا كان واجبا إذا الواجب آمرا مطلق, كلي, ثابت, إنساني, منزه, صادر عن الإرادة الخبرة للإنسان وعن السبب الثاني يحدد كانط جملة من القواعد أو الصيغ بها تقاس أفعالنا . 
1-قاعة الكلية: " اعمل دائما بحيث تستطيع أن تجعل من قاعدة فعلك قانونا كليا شبيها بقانون الطبيعة".
2- قاعة التنزيه: اعمل دائما بحيث تعامل الإنسانية في شخصك وفي أشخاص الآخرين دائما كغاية لا كوسيلة".
3- قاعة الحرية أو الإرادة: "اعمل دائما بحيث تستطيع أن تجعل عن إرادتك الإرادة الكلية المشرعة للقانون الأخلاقي.". بهذه القواعد يتضح سمو الواجب الاخلاقي الذي لا يمكن أن نخفضه إلى مجرد واجب اجتماعي قل هو واجب لكل الكائنات العمالقة تمثلا للقانون لا أكبر.
النقد: طمح كانط إلى تأسيس أخلاق ثابتة أمن لها اليقين و المطلقة وجعلها متعالية منزهة ومع ذلك كانت عرضة لانتقادات شديدة وخاصة من قبل الفيلسوف الألمان فريدريك نيتشة الذي لم ير في مساواة الناس جميعا في واجب مطلق يختفي وراءه هؤلاء الضعفاء في الوقت الذي يفترض فيه أخلاق القوة (أخلاق السادة) تلك التي تعبر عن إرادة الحياة. ج- المذهب الاجتماعي: في المقابل للمذاهب السابقة يرفض الاجتماعيون كل تأمل أخلاقي لا يأخذ بعين الاعتبار الواقع الاجتماعي و فقد جعلت الماركسية الخلاق انعكاس للواقع الاجتماعي الذي يعد هو بحد ذاته صدى لعلاقات الإنتاج, فالأخلاق السائدة هي أخلاق الطبقة المسيطرة , بينما تذهب المدرسة الاجتماعية بزعامة دوركايم وليفي بريل, إلى أن الأخلاق
ethique
هي في الحقيقة العادات والتقاليد, فهي في نظر دوركايم ظاهر اجتماعية تمارس ضغطا وإكراها , "لسنا سادة وتقويمنا الأخلاقي , فنحن ملزمون ومجبرون ومقيدون والذي يلزمنا ويجبرنا ويفيدنا هو المجتمع".
معنى ذلك أن أساس الفعل الأخلاقي هو المجتمع, فما حسنه المجتمع وأمر به فهو واجب أخلاقي لأن الواجب الأخلاقي بالضبط هو الواجب الاجتماعي وما نهى عنه معناه شر ينبغي تجنبه, هذا ما يدل عليه الواقع وما يكشف عليه التاريخ.
النقد: لا شك أن للمجتمع حضورا قويا فيما لدينا من قيم أخلاقية نأخذها كقوالب جاهزة علينا الاقتتال لها ومع ذلك فالأخلاق ليس كلها اجتماعية, فقد ناهض برغسون الخلاق الاجتماعية ووصفها بالأخلاق المغلقة, الساكنة والراكدة التي تتنقل من جيل إلى جيل في مقابل الأخلاق المفتوحة, الحيوية والمتطورة تلك التي يبدعاه الأفراد القديسون والأبطال... ويعلق فرانسوا غريغوار على الأخلاق الاجتماعية وما بها من نقص"فهي تبرير للانسياق الاتباعي " الذي يحرمنا من كل إبداع.
نتيجة : نكشف من العرض السابق إن الإنسان كائن أخلاقي بلا ريب حتى لو شك في هذا الأساس أو ذاك كما يكشف التحليل انه من الصعب اتخاذ أساس مطلق للأخلاق بسبب من تشعب الحياة وتعدد مناحيها. مشكلة سلم القيم الأخلاقية وتعارض الواجبات . ضبط المشكلة: تقرر من التحليل السابق أن الإنسان في جميع الأحوال يسلك بمقتضى رقم ونظام أخلاقي بغض النظر الطبيعية و الأساس و لكن كثيرا ما نجد أنفسنا إزاء واجبات نختار في أيتها نختار وبأيها نبدأ. فما هو السلم الذي ينبغي أن نعتمده في اختيار الواجبات ؟ يمكن إخضاع الإجابة على هذا السؤال للمذاهب السابقة ونتوقع أن يوجهنا أصحاب اللذة والمنفعة إلى اختيار السلوك على أساس من اللذة وبها تغدو الواجبات الشخصية سابقة على العامة, وفضائل الحس والجسد قبل تضائل التأمل والعقل, حلافا للاجتماعين الذين يضعون الواجبات الاجتماعية, الآتية والقائمة موضع التنفيذ قبل الواجبات الخاصة أو المتعالية , بينما ستكون إجابة كانط على ذلك من أن السلم الجدير بالاحترام هو أن نضع الواجب الاخلاقي موضع الاختيار باعتباره الأسمى والمنزه والكلي و الثابت و إجمالا الفضائل أصناف و ينبغي للإنسان أن يحرص على انتقاد واختيار الأجدر منها و الأكمل, أي تلك التي تكمل بها إنسانية الإنسان. .

السبت، 3 نوفمبر 2012

مقالة حول الحقيقة العلمية والحقيقة الفلسفية

فلسفة/ مقالة حول الحقيقة العلمية والحقيقة الفلسفية 
الحقيقة العلمية و الحقيقة الفلسفيةالحقيقة تعريفها أصنافها و مقاييسها. أولا: تعريفها :ليس من السهل تعريف الحقيقة و ذلك لاختلا معناها من تصور فلسفي إلى تصور فلسفي آخر،و من مجال إلى مجال،و من ثقافة إلى ثقافة أخرى ،و هذا يؤدي إلى تنوع المعارف وتعددها نقتصر فيها على ما يلي1-
عند اللغويينتطلق على الماهية أو الذات ،نحققه الشيء ماهية أي ما به الشيء هو هو, 2الواقعيين :مطابقة التصور (الحكم) للواقع ,كما نقول بأن الحقيقة مطابقة التصور لعالم الأشياء. 3)
عند المناطقة والرياضيين :هو الأمر الممكن في العقل الذي لا يتخلله تناقض،و بتعبير آخر هي مطابقة النتائج للمنطلقات كما يمكن أن تكون المنطلقات ذاتها التي تجبر العقل على الالتزام بها قال"لايبنتز":{{ متى كانت الحقيقة مسرورة ،أمكنك أن تعرف أسبابها بإرجاعها إلى معان وحقائق أبسط منها حتى تصل إلى الحقائق الأولى.}}و الحقائق الأولى هي الأوليات و المبادىء العقلية . 4)في إصطلاح الفلاسفة:هي الكائن الموصوف بالثبات والمطلقية(كالله و الخير)مع قطع النظر عمن سواه . ثانيا:أصنافها: تقسم الحقيقة إلى ثلاثة أصناف. الحقيقة المطلقة:هي أقصى ما يطمح إليه الفيلسوف أو الحكيم ،و ابعد ما يستطيع بلوغه عن طريق العقل أو الحدس .فعند أفلاطون يعتبران الحقيقة تتمثل في عالم المثل الذي يمثل عالم الخلود و عالم الحق .و الفضيلة الأخلاقية تستوجب التخلص من عالم الفناء بحثا عن الحقيقة المطلقة في العالم الفوقي. أما عند أرسطو فالحقيقة المطلقة تتمثل في "المحرك"الذي لا يتحرك ،الذي يمثل "الله".2)حقائق نسبية هنا تقتصر على الحقائق العلمية ،لأن هذه الأخيرة تعبر عن علاقات ثابتة بين الظواهر تصاغ صياغات قانونية ،و هذه الأخيرة قابلة للرفض و التغير مما يطغي عليها طابع النسبية. و النسبي لغة "هو المتعلق بغيره، أي أن النسبي ما يتوقف وجوده على غيره،ومما جعل الحقائق العلمية هو كون الاستقراء للموضوعيات العلمية مزال مفتوحا ،ثبت أن العلماء يسعون وراء الحقيقة النسبية ،و لهذا قال "كلود برنا رد"يجب أن نكون مقتنعين بأننا لا نمتلك العلاقات الضرورية الموجودة بين الأشياء إلا بوجود تقريبي كثيرا أو قليلا ، وأن النظريات التي نمتلكها هي أبعد من أن تمثل حقائق ثابتة ). 3) حقائق ذوقية : وهي الشعور الذي يستولى على المتصوف عند بلوغه الحقيقة الربانية المطلقة ،فهو يستقي علمه من الله رأسا ويتم ذلك عن طريق الفناء .أو عن طريق التقاء وجود الخالق،و يتم بواسطة الكشف أو"الذوق" كما يعرف بالحدس ،من أجل بلوغ السعادة القسوة 4الحقائق بين المطلق والنسبي : وهي حقائق فلسفية ،إلى أنها تنهل مصداقيتها من الواقع الاجتماعي.و النفسي و ألتأملي 
ثالثا مقياسها:" نقدت مقاييس الحقيقة على حسب مجالاتها وفلسفة أصحابها ،فكان تارة مطابقة العقل للتجربة ،وكما اعتبروا الوضوح والبداهة ، و هناك من أعتبرها هو الكائن المطلق ،لذلك فإن مقياس الحقيقة لدى البراغماتيين هو النفع ولدى الوجوديون هو الذات البشرية، والوضوح لدى العقلانيين . أ)مقياس الوضوح الحقيقة المخلقة) ذهب بعض الفلاسفة أمثال 'ديكارت.سبينوزا' إلي أن الحكم الصادق يعمل في حياته معيار صدقه ،و الوضوح .فاعتبر'ديكارت' أن البداهة هي معيارالمطلقية والتي لا يكتنفها الشك .وأنتهي إلى قضيته المشهورة :"أنا أفكر إذن،أنا موجود."كما أعتبر أن الأشياء التي نتصورها تصورًا بالغًا الوضوح و التميز هي الصحيحة حيث يقول :"إني أشك،ولكن لا أستطيع الشك فيه هو أنني أشك وأن الشك التفكير "،وفي هذا المعني يضيف"سبينوزا"أنه ليس هناك معيار للحقيقة خارج الحقيقة ،بحيث لايمكن أن يكون هناك شيء أكثر وضوح ويقينا من الفكرة الصادقة ،يصلح أن يكون معيار الفكرة الصادق . ب)- مقياس النفع :ذهب بعض البرغماتين أمثال :"بيرس ،جيمس،ديوي" بحيث أعتبروا أن الحكم يكون صادقا إلا إذا أدى إلي منفعة عملية ،لذلك فالمنفعة هي المقياس الوحيد للصدق ،بحيث يقول "بيرس":"أن الحقيقة تقاس بمعيار العمل المنتج،أي أن الفكرة خطة للعمل أو مشروع له وليست حقيقة في حد ذاتها"،كما اعتبروا أنه لمعرفة الحقيقة من غير الحقيقة يجب ملاحظة النتائج ،لأنه ما يؤدى إلى النجاح فهو حقيقي ج)-مقياس الوجود لذاته: ترى الوجودية مع "ساتر" أن مجال الحقيقة هو الإنسان المشخص في وجوده الحسي،و حقيقة الإنسان هي في إنجاز ماهيته ،وتحديد مصيره ،و الحقيقة هي ممارسة التجربة، التي تجمع بين الحياة و الموت وما ينتج عنها من قلق ، وآلم . تعقيب: إن إرجاع الحقيقة للوضوح يجعلها تلجأ إلي معيار ذاتي ،لأنها تصبح خاضعة في وضوحها إلي تربية الإنسان وميوله وإتجاهاته الفكرية , -أما إذا أرجعناها إلى مقياس النفع فإنه يؤدي إلى عدم وضوح الحقيقة بل إلى تضاربها و تناقضها ،و تسخر الحقيقة لمصالح الفرد. - كما أن الحقيقة أوسع مما ذهب إليه الوجوديون لأنه يجب مراعاة البعد الاجتماعي للإنسان بوصفه كائن إجتماعي ,يعيش مع ذوات أخرى يجب مراعاتها. 2) :إذا كانت النسبية تلاحق الحقيقة المطلقة فهل الحقيقة المطلقة "نسبية " هي الأخرى؟: ماهي الحقيقة المطلقة بالنظر إلي ذاتها ؟وهل طبيعتها تتغير إذا قبلناها بحقائق نسبية ؟ وهل تحافظ على خصوصياتها الأصلية إذا ما توصل إدراكنا إلى حملها ؟ أولا :خصائص الحقيقة المطلقة :المطلق لغة ’هو المعتري عن كل قيد،وهو ،التام والكامل كذا ما يراد ف القبلي ،ويقابل النسبي أما إصطلاحا :علم ما بعد الطبيعة ،وهو إسم للشيء الذي لا يتوقف تصوره ووجوده على شيء آخر لأنه علة وجود نفسه ،ومن أهم خصائصه :أي من أهم خصائص التي تمتاز بها الحقيقة المطلقة هي أنها مجردة من كل قيد وعلائق ،أنها مستقلة لا تحتاج إلى علل من أجل وجودها ولا إلي أي حدود زمانية ومكانية ،كما أنها لا ترتبط بأحكام الإنسان وتصوراته ،وموقعها الحقيقي ما وراء عالم الشهادة ،كما أنها تعتبر المبدأ والغاية في آن واحد ،كما تعتبر الخير الأسمى الذي يتوق إليه الحكماء وأهل الفضول والذوق،كما أنها الموجود بما هو موجود ،أي أنها الحقيقة المطلقة التي تقوم مستقلة عن الذات. ثانيا :النسبية وملاحقتها للمطلق:إذا كان المطلق يشير إلي الموجود في ذاته،ولذاته ، وبذاته ،فإن النسبي يشير إلي ما يتوقف وجوده علي غيره ، إلا أن التحديد المبدأى للمطلق يتم بالتجريد ،لأن إدراكه من طرف الإنسان هو إدراك من طرف كائن مقيد بحدود زمانية مكانية ومفاهيم ثقافية ،والمعرفة الإنسانية بين الذات العارفة والموضوع المعروف كما أن محاولة العقل الإنساني لإدراك المطلق يجعلنا نضع احتمالين إما أن تكون الحقيقة مطلقة ولا أمل في إدراكها من طرف المدرك ،وإما أن يدركها المدرك فتنتقل من المطلقية إلي النسبية . كما أن الحقيقة التي يتكلم عنها الفلاسفة تندرج تحت أنساق فلسفية معينة ، وهذا ما يجعلها حقائق تتماشي مع مذهبهم وما تقتضيه الضرورة المنطقية مما يجعلها تتغير من نسق فلسفي إلى نسق آخر،ومنها فالحقيقة لا يدركها عقل ولا علم ولا حدس ولاذ وق لأنها أمور ذاتية ،ونسبية و النسبي لا يمكنه أن يدرك المطلق 3)-في هذه الحالة ،ألا تلتبس الحقيقة مع الواقع ؟ وأي واقع هذا؟: ما هو الواقع وما مجالته المتنوعة ؟ وهل يقابل الحقيقة أم يلتبس بها ؟ وما دور الإنسان في تحديد طبيعة كل واحد من الطرفين ؟ أولا : تعريف الواقع القصد منه إبراز التنوع في الطبيعة والمجال:تتنوع كلمة الواقع علي حسب التأويلات التي نأخذها إما في المعني العام أو في المعني الفلسفي : في المعني العام -:يقرن بوجود الإنسان فنقول أن هذا الشيء واقعي لأنه موجود وقد يقرن الواقع بنا لا يختلف في حقيقته إثنان ،وهو ما يمكن أن يثبت وجوده حسيا أو تجريبيا. في المعني الفلسفي :وهو العالم الخارجي كما يتقدم لعقولنا وحواسنا ،ويتصف إدراكنا له بأنه حقيقي إذا ما تم فعلا ويستنتج من هذا ،أن الواقع هو مصدر تقدير أحكامنا ،أي أن تكون الصور المدركة تعكس تماما ما في الواقع أن الواقع هو وجود الأشياء العيني وجودا مستقلا عن الذات العارفة أي لا دخل للذات في تصوره ،ويمتاز بخصائص وموصفات منها -أنه مجال مستقل عن الذات المدركة ويمكنها من بلوغ الموضوعية -أنه يعتبر المصدر الأول والأخير لإختيبار الفروض وتبرير أحكامنا العقلية -أنه المنبه والدافع إلى إكتشاف الحقيقة ،وهي انطباق الفكر مع العالم الحسي والتجريبي ثانيا:إرتباط الحقيقة بالواقع :ويظهر هذا الإرتباط على شكلين: 1) التقابل :إن فكرة الحقيقة مرتبطة بالواقع بفكرة الواقع وذلك يظهر من خلال اتجاهين :- الإتجاه التجريبي الذي يجعل الحقيقة عاكسة للواقع -الإتجاه المثالي الذي يجعل مقرها الواقع المثالي الثابت 2) الإلتباس:ولذلك وجب التميز بين الواقع في ذاته والواقع في ذواتنا ،و الواقع في ذواتنا يظهر في حالتين :-حالة تعبر عن الواقع الموضوعي كما نراه أو كما ندركه ، - وحالة تعبر عن" الواقع ",الحقيقة الذي نعيشه داخليا ، أي أن الإلتباس يحدث بين ما هو موجود في ذاتنا وما هو موجود في العالم المثالي : ومن هنا  حسب الحسيان تصبح الحقيقة تعكس الواقع الموضوعي ( الحسي ) عكسًا تمامًا بحيث أن إنطباق الواقع غير الواقع ،أي بمثابة الصورة الجامدة التي تستقر فيها الأشكال و الثاني يستمر في حركاته الحية . فيصبح ما يراه الشخص أنه حقيقي يكون هو الحقيقة أما المثاليون أمثال "أفلاطون ،ديكارت" تكمن الحقيقة في إتفاق معارفنا مع الوقائع المثالية الذي تشخص إليه عقول الحكماء ثالثا-الإنسان بين الواقع والحقيقة : إن الواقع هو واقع الأشياء ،و الحقيقة هي حقيقة الأفراد ، والقبض عن الحقيقة تتمثل في الحرية على حسب "هيدغر", أما السعي وراء الحقيقة المطلقة فيبقي أمرًا نسبيا بين الأفراد فكل ينظر إليها حسب نزعته الفلسفية ،بل حتى الحقيقة المطلقة التي تتمثل في "الله" وقع حولها أختلاف بين المجسمة والمنزه حل المشكلة :أن مشكلة الحقائق تبقي الحقائق التي يسعى إليها الإنسان حقائق نسبية كما تبقي النسبية تلاحق المطلق في شتى المحالات

مقالة جدلية حول أصل المفاهيم الرياضية لأسئلة


فلسفة / مقالة جدلية حول أصل المفاهيم الرياضية لأسئلة
إذا كنت أمام موقفين متعارضين أحدهما يقول الرياضيات في أصلها البعيد مستخلصة من العقل والأخري تقول : الرياضيات مستمدة من العالم الحسي . وطلب منك الفصل في المشكلة فما عساك تصنع ؟
سؤال : هل المعاني الرياضية موجودة في النفس أو أوحت بها بعض مظاهر الطبيعة
المقدمة : طرح الإشكالية
تنقسم العلوم إلي قسمين علوم تجريبية مجالها المحسوسات ومنهجها الاستقراء كالفيزياء وعلوم نظرية مجالها المجردات العقلية ومنهجها الاستنتاج كالرياضيات هذه الأخيرة أثارة جدلا حول أصل مفاهيمها ومبادئها فإذا كنا أمام موقفين أحدهما أرجع الرياضيات إلى العقل والأخر ربطها بالتجربة فالمشكلة المطروحة : هل المعاني الرياضية مستخلصة من أصلها البعيد من العقل أو التجربة ؟
التحليل: محاولة حل الإشكالية
عرض الأطروحة الأولي يرى العقليون ( المثاليون ) أن المفاهيم الرياضية مستخلصة من أصلها البعيد من العقل وهي فطرية قائمة في النفس وهكذا الرياضيات بناء استدلالي والاستدلال نشاط عقلي فينتج عن ذلك أن المفاهيم والمبادئ الرياضية من طبيعة عقلية , هذا ما ذهب إليه أفلاطون الذي قال في كتابه الجمهورية ( عالم المثل مبدأ كل موجود ومعقول أن المعرفة تذكر ) وأكد أفلاطون في محاورة مينوت أن البعد قادر على أن يكشف بنفسه كيفية وإنشاء شكل مساوئ مربع معلوم ومن دعاة هذه الأطروحة ديكارت الذي قال في كتابه التأملات ( المعاني الرياضية أفكار فطرية أودعها الله فينا منذ البداية ) وهم يبررون موقفهم بحجج متنوع من أهمها الرموز الجبرية اللانهائية مفاهيم رياضية لا صلة لها بالواقع الحسي كما أنها تتصف بثلاثة خصائص, مطلقة , ضرورية , كلية, فلا يعقل أن تنتج عن العالم الحسي وتعود هذه الأطروحة إلى كانط الذي ربط المعرفة بما فيها الرياضيات , بمقولتين فطريتين هما الزمان والمكان أي أن الرياضيات في أصلها معاني فطرية لأنها شيدت على أسس فطرية فالمفاهيم الرياضية في أصلها البعيد مستمدة من العقل النقد : هذه الأطروحة نسبية لأنه لو كانت المفاهيم الرياضية فطرية مغروسة في النفس لتساوى في العلم بها جميع الناس لكن الأطفال لايدركون المفاهيم الرياضية إلا من خلال المحسوسات عرض الأطروحة الثانيةيرى التجريبيون ( الحسويون ) أن المعاني الرياضية مصدرها التجربة أي المفاهيم الرياضية إذا تم تحليلها فإنها ستعود إلى أصلها الحسي ومثال ذلك أن رؤية النجوم أوحت بالنقاط والقمر يرتبط بفكرة القرص لذلك قال الحسيون ( العقل صفحة بيضاء والتجربة تكتب عليه ماتشاء ) وهم يبررون موقفهم بما توصل إليه العلماء الأنتروبولوجيا الذين أكدوا أن الشعوب البدائية إستعملت الحصى وأصابع اليدين والرجلين عند حساب عدد الأيام والحيوانات التي يمتلكونها ومواسم السقي المحاصيل الزراعية مما يثبت أن المفاهيم الرياضية أصلها حسي ليس هذا فقط إن المفاهيم الهندسية كالطول والعرض إنما هي مكتسبة بفضل الخبرة الحسية لذلك قال ريبو: ( حالة الشعور التي ترافق بعض أنواع الحركات العضلية هي الأصل في إدراكنا للطول والعرض والعمق ) ومن أدلتهم أيضا أن الهندسة تاريخيا هي أسبق في الظهور من الحساب والجبر والسر في ذلك أنها مرتبطة بالمحسوسات ولو كانت المفاهيم الرياضية في أصلها مجردات عقلية لظهور الجبر قبل الهندسة كل ذلك يثبت أن المفاهيم الرياضية أصلها حسي النقد: صحيح أن بعض المفاهيم الهندسية أصلها حسي لكن أكثر المفاهيم الرياضية الجبر لا علاقة لها بالواقع الحسي التركيب: الفصل في المشكلة لاشك أن المعرفة جهد إنساني ومحاولة جادة لفهم مايحيط بنا من أشياء وإجابتك على مايدور في عقولنا من جهد وبناء مستمر وهذا مايصدق على الرياضيات وكحل توفيقي لأصل المفاهيم الرياضية نقول الرياضيات بدأت حسية ثم أصبحت مجردة وهذا ما وضحه جورج سارتون بقوله ( الرياضيات المشخصة هي أول العلوم نشوءا فقد كانت في الماضي تجريدية ثم تجردت وأصبحت علما عقليا ) وذات الحل التوفيقي ذهب إليه عالم الرياضيات غونزيت الذي أكد ( تلازم ماهو حسي معا ماهو مجرد في الرياضيات الخاتمة : حل الإشكالية وخلاصة القول أن الرياضيات علم يدرس المقدار القابل للقياس بنوعيه المتصل والمنفصل وقد تبين لنا أن المشكلة تدور حول أصل المفاهيم الرياضية فهو هناك من أرجعها إلى العقل وأعتبرها فطرية وهناك من أرجعها وربطها على أساس أنها حسية نستنتج أن مصدر المفاهيم الرياضية هو تفاعل وتكامل القول مع
التجرب

مقالة/ ھل أصل المفاھيم الریاضية تعود إلى العقل أم إلى التجربة؟


مقالة/ ھل أصل المفاھيم الریاضية تعود إلى العقل أم إلى التجربة؟ 
هل أصل المفاھیم الریاضیة تعود إلى العقل أم إلى التجربة
السؤال إذا كنت أمام موقفین یقول متعارضین یقول احدھما أن المفاھیم الریاضیة في أصلھا الأول صادرة عن العقل ویقول ثانیھما أنھاصادرة عن التجربة مع العلم أن كلیھما صحیح في سیاقھ ونسقھ وطلب منك الفصل في الأمر لتصل إلى المصدرالحقیقي للمفاھیم الریاضیة فما عساك أن تفعل؟
طرح المشكل
منذ أن كتب أفلاطون  
على باب أكادیمیتھ من لم یكن ریاضیا لا یطرق بابناوالریاضیات تحتل المكانة الأولى بین مختلف العلوم وقدظھرت الریاضیات كعلم منذ القدم لدى الیونانیین.وھي تدرس الكم بنوعیھ المتصل والمنفصل وتعتمد على مجموعة من المفاھیم .
وإذاكان لكل شيء أصل .ولكل علم مصدر فما أصل الریاضیات وما مصدر مفاھیمھا ؟فھل ترتد كلھا إلى العقل الصرف الخالص، أم إلىمدركاتنا الحسیة والى ما ینطبع في أذھاننا من صور استخلصناھا من العالم الخارجي ؟ وبعبارة أخرى ھل الریاضیات مستخلصة فيأصلھا البعید من العقل أم من التجربة؟
عرض الأطروحة الأولى
أصل المفاھیم الریاضیة یعود إلى العقلیرى العقلیون أن أصل المفاھیم الریاضیة یعود إلى المبادئ الفطریة التي 
ولد الإنسان مزودا بھاوھي سابقة عن التجربة لان العقل بطبیعتھ ،یتوفر على مبادئ وأفكار فطریة .وكل ما یصدر عن ھذا العقل من أحكام وقضایا ومفاھیمتعتبر كلیة وضروریة ومطلقة وتتمیز بالبداھة والوضوح والثبات ومن ابرز دعاة ھذا الرأي نجد الیوناني أفلاطون الذي یرى أنالمفاھیم الریاضیة كالخط المستقیم والدائرة  .
واللانھائي والأكبر والأصغر...... ھي مفاھیم أولیة نابعة من العقل وموجودة فیھ قبلیا لانالعقل بحسبھ كان یحیا في عالم المثل وكان على علم بسائر الحقائق .ومنھا المعطیات الریاضیة التي ھي أزلیة وثابتة ، لكنھ لما فارقھذا العالم نسي أفكاره ،وكان علیھ أن یتذكرھاوان یدركھا بالذھن وحده . 
ویرى الفیلسوف الفرنسي دیكارت أن المعاني الریاضیة منأشكال وأعداد ھي أفكار فطریة أودعھا الله فینا منذ البدایة وما یلقیھ الله فینا من أفكار لا یعتریھ الخطأ ولما كان العقل ھو اعدل قسمة بین الناس فإنھم یشتركون جمیعا في العملیات العقلیة حیث یقیمون علیھ استنتاجاتھم ویرى الفیلسوف الألماني "كانط" إن الزمان والمكان مفھومان مجردان ولیس مشتقین من الإحساسات أو مستمدین من التجربة ، بل ھما الدعامة الأولى لكل معرفة حسیة.
نقد الأطروحة الأولى
لا یمكننا أن نتقبل أن جمیع المفاھیم الریاضیة ھي مفاھیم عقلیة لان الكثیر من المفاھیم الریاضیة لھا ما یقابلھا في عالمالحس.
وتاریخ العلم یدل على أن الریاضیات وقبل أن تصبح علما عقلیا ،قطعت مراحل كلھا تجریبیة .فالھندسة سبقت الحساب والجبر
لأنھا اقرب للتجربةعرض الأطروحة الثانیة أصل المفاھیم الریاضیة ھي التجربةیرى التجریبیون من أمثال ھیوم ولوك ومیل أن المفاھیم والمبادئ الریاضیة مثل جمیع معارفنا تنشا من التجربة ولا یمكن التسلیم بأفكار فطریة عقلیة لان النفس البشریة تولد صفحةبیضاء .فالواقع الحسي أو التجریبي ھو المصدر الیقیني للتجربة.وان كل معرفة عقلیة ھي صدى لادراكاتنا الحسیة عن ھذا الواقع.وفي ھذا السیاق یقولون (لا یوجد شيء في الذھن ما لم یوجد من قبل في التجربةویقولون ایضا (ان القضایا الریاضیة التي ھي منالأفكار المركبة ،لیست سوى مدركات بسیطة ھي عبارة عن تعمیمات مصدرھا التجربة )ویقول دافید ھیوم ( كل ما اعرفھ قد استمدتھمن التجربة) ففكرة الدائرة جاءت من رؤیة الإنسان للشمس والقرص جاءت كنتیجة مشاھدة الإنسان للقمر .والاحتمالات جاءتكنتیجة لبعض الألعاب التي كان یمارسھا  الإنسان الأول .وقد استعان الإنسان عبر التاریخ عند العد بالحصى وبالعیدان وبأصابع الیدین والرجلین وغیرھاوالمفاھیم الریاضیة بالنسبة إلى الأطفال والبدائیین .لا تفارق مجال الإدراك الحسي لدیھم ،وان ما یوجد في أذھانھموأذھان غیرھم من معان ریاضیة ما ھي إلا مجرد نسخ جزئیةللأشیاء المعطاة في التجربة الموضوعیة . 
نقد الأطروحة الثانیة
لا یمكننا أن نسلم أن المفاھیم الریاضیة ھي مفاھیم تجریبیة فقط لأننا لا یمكننا أن ننكر الأفكار الفطریة التي یولدالإنسان مزود بھا.وإذا كانت المفاھیم الریاضیة أصلھا حسي محض لاشترك فیھا الإنسان مع الحیوان.
التركیب :
 أصل المفاھیم الریاضیة یعود إلى الترابط والتلازم الموجود بین التجربة والعقل فلا وجود لعالم مثالي للمعاني
الریاضیة في غیاب العالم الخارجي ولا وجود للأشیاء المحسوسة في غیاب الوعي الإنساني  .والحقیقة أن المعاني الریاضیة لم تنشأدفعة واحدة ،وان فعل التجرید أوجدتھ عوامل حسیة وأخرى ذھنیة
الخاتمة :
إن تعارض القولین لا یؤدي بالضرورة إلى رفعھما لان كلا منھما صحیح في سیاقھ
، ویبقى أصل المفاھیم الریاضیة ھو ذلك التداخل
والتكامل  الموجود بین العقل والتجربة .ولھذا یقول العالم الریاضي السویسري غونزیث (في كل بناء تجریدي ،یوجد راسب حدسي یستحیل محوه وإزالتھ .ولیست ھناك معرفة تجریبیة خالصة, ولا معرفة عقلیة خالصة.بل كل ما ھناك أن أحد الجانبین العقليوالتجریبي قد یطغى على الآخر ،دون أن یلغیھ تماما ویقول "ھیجل" "كل ما ھو عقلي واقعي وكل ما ھو واقعي عقلي


عناوين المقالات

إشكالية الإدراك إشكالية العدل إشكالية تطبيق المنهج التجريبي على الظواهر الإنسانية الإحساس والإدراك الاستبيان الأمة الانفعالات التفكير الرياضي التفكير العلمي الحداثة في الأدب العربي الحرية والتحرر. الدولة والأمة الذاكرة الذكاء والتخيل الذكاء والذاكرة الشخصية والطبع الشعور واللاشعور الشغل والتنظيم الاقتصادي الطبيعة والثقافة العادة وأثرها العادة وأثرها على السلوك الفرضية شرط ضروري في كل بحث علمي الفلسفة نمط متميز من التفكير ما الذي يبرر ذلك ؟ اللغة و الفكر اللغة والتواصل المسؤولية و الجزاء المشكل الأخلاقي المغالطات في الفلسفة النص لـ غاستون باشلار Gaston Bachelard : النموذج والبراديغم أيهما أجدر بتحقيق العدالة : القانون أم الأخلاق ؟ أيهما أهم في الإدراك : العوامل الذاتية أم العوامل الموضوعية ؟ فلسفة فن النحت لا يوجد غيري فأنا وحدي الذي أقرر الخير واخترع الشر ما الدليل على وجود اللاشعور ؟ ما العلاقة بين السؤال العلمي والسؤال الفلسفي ؟ ما دور الثقافة في حياة الإنسان ؟ ما علاقة الطبيعة بالثقافة ؟ ما قيمة القياس؟ طريقة جدلية مقال حول أصل المعرفة الإشكال مقالة جدلية حول أصل المفاهيم الرياضية لأسئلة مقالة حول الحقيقة العلمية والحقيقة الفلسفية مقالة/ ھل أصل المفاھيم الریاضية تعود إلى العقل أم إلى التجربة؟ منهجية و مناهج البحث العلمي هل الإبداع ظاهرة فردية خاصة ؟ هل الاستبطان كاف لفهم سلوك الإنسان ؟ هل التجربة شرط في كل معرفة علمية ؟ هل المجتمع بالنسبة للفرد أداة قمع أم أداة تحرر؟ هل المجرم المسؤول الوحيد عن جرائمه ؟ هل النسيان مرض ؟ هل الوراثة وحدها كفيلة بإحداث فروق فردية ؟ هل تكفي المنافسة الحرة لتحقيق الرخاء الاقتصادي ؟ هل يشكل الشعور مجمل الحياة النفسية عند الإنسان ؟ هل يقوم الهيجان بوظيفة إيجابية دائما في حياة الفرد ؟ هل يمكن الاستغناء عن الفرض العلمي؟ هل يمكن الفصل بين الإحساس و الإدراك ؟ هل يمكن القول ان العقل هو اساس القيمة الاخلاقية ؟