الأربعاء، 24 أكتوبر 2012

الشغل والتنظيم الاقتصادي


الشغل والتنظيم الاقتصادي .
نص السؤال : هل الغاية من الشغل حفظ البقاء وحسب ؟
المقدمة : إذا كان بإمكان الإنسان اليوم أن يلاحظ مدى القلق الذي يحدثه الشغل في الأسر الحديثة , فإن الأمر ذاته كان يحدث لدى الأسر القديمة و حتى عند الإنسان الأول قبل انضمامه إلى المجتمع المدني . وإذا كان الإنسان يتحمل هذا القلق وهذا التعب في سبيل الحصول على عمل من أجل تلبية رغباته وإشباع حاجاته الضرورية التي تحفظ له البقاء فهل تلبية ضروريات الحياة والمحافظة عل البقاء هي الغاية الوحيدة للشغل ؟
التحليل :الشغل ضرورة بيولوجية تحفظ بقاء الإنسان :
إن أكبر مشكلة صارعها الإنسان منذ وجوده هي تلبية الضروريات والحفاظ على الوجود بتوفير المأكل , الشرب ,الملبس , المأوى ...الخ . ولا يتسنى له ذلك إلا بالشغل , وهكذا يرى أنصار الاتجاه البيولوجي أن الحاجة البيولوجية هي الدافع الأساسي للشغل .
ودليلهم على ذلك أن الإنسان منذ العهود الغابرة لو وجد كل شيء جاهز في الطبيعة لما أقدم على العمل وعلى بذل الجهد لتغيير الطبيعة أو التأثير فيها , والواقع يثبت تاريخيا أن طبقات ترفعت عنه وأكرهت الآخرين عليه ( المجتمع اليوناني , نظرة أفلاطون من خلال كتابة الجمهورية ) نظرا لما في الشغل من إلزام وعناء و قساوة .
لكن الإنسان وبوصفه أرقى الكائنات تجاوز الصراع القائم بيته وبين الطبيعة ولم يعد نشاطه موجها إلى سد حاجياته البيولوجية وحسب و إنما أنتج قيما روحية ومعنوية للشغل مكنته من إنتاج حضارة متقدمة .
الشغل ليس ضرورة بيولوجية بل عنوان التقدم والرقي :
لقد تغير موقف الإنسان من الشغل عبر التاريخ فنظر إليه اليونان نظرة احتقار واعتبره اليهودية لعنة وربطته المسيحية بخطيئة آدم . أما الإسلام نظر إلى العمل نظرة مختلفة تماما عما سبق حيث اعتبره في منزلة العبادة و أوجبه على الجميع حيث قال تعالى : " وقال اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون " . كما اعتبره نعمة تستدعي الشكر وشرفا يحاط به المرء حيث يقول ( صلى الله عليه وسلم ) : " إن أشرف الكسب كسب الرجل من يده " وسيادة لصاحبه حيث يقول أيضا : " خادم القوم سيدهم " .
وهكذا أخذ العرب هذه الصفات النبيلة للعمل , وأصبح الشغل ذلك الجسر الذي يمر به الإنسان من مرحلته البدائية إلى المرحلة الحضارية . أين أصبح يتحكم في الطبيعة كما يقول هيغل : " أصبح الإنسان يتملك الطبيعة " و يهدف إلى تحقيق القيم الاجتماعية حيث يرى أنصار الاتجاه الاجتماعي أن الشغل ظاهرة اجتماعية باعتبار أن الفرد بمفرده عاجز عن إشباع حاجاته مما فرض عليه التعاون مع الغير , فنشأت التجمعات السكانية كالمدن و القرى فأصبح الشغل نشاط جماعي ويهدف إلى تحقيق قيم اجتماعية حيث ذهب " ابن خلدون " إلى أن الإنسان مدني بالطبع . وأن الشغل نشاط ملازم للاجتماع البشري . لكن الشغل كان في بدايته دافعا بيولوجيا و لا يعتبر شرفا عند جميع الناس فالدافع البيولوجي لا يزال فاعلا خاصة في ظل بعض الأنظمة التي تشغل حتى الأطفال وفي سن مبكرة .
الشغل دافع بيولوجي ودافع أخلاقي اجتماعي معا :
لقد كان العمل في البداية واقعا بيولوجيا فحاجات الإنسان كثيرة و إمكاناته الأولية محدودة فكان همه في الحياة تلبية ضرورياته و المحافظة على وجوده , لكنه بعد التحكم في الطبيعة , و ظهور العلوم والصنائع أصبح الشغل دافعا أخلاقيا واجتماعيا ولم يعد الدافع البيولوجي سوى وسيلة وليس غاية حيث يقول (صلى الله عليه وسلم ) : " نحن قوم نأكل لنعيش لا نعيش لنأكل " .
الخاتمة : إن الدور الكبير الذي لعبه الشغل في حياة الإنسان قديما و حديثا , يكشف أن القيمة التي يحتلها اليوم عند الأفراد والشعوب فهو بالإضافة إلى أنه مصدر النمو والتطور والرقي في سلم الحضارة فإنه المقياس الذي نقيس به مدى تقدم الأمم والحضارات .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عناوين المقالات

إشكالية الإدراك إشكالية العدل إشكالية تطبيق المنهج التجريبي على الظواهر الإنسانية الإحساس والإدراك الاستبيان الأمة الانفعالات التفكير الرياضي التفكير العلمي الحداثة في الأدب العربي الحرية والتحرر. الدولة والأمة الذاكرة الذكاء والتخيل الذكاء والذاكرة الشخصية والطبع الشعور واللاشعور الشغل والتنظيم الاقتصادي الطبيعة والثقافة العادة وأثرها العادة وأثرها على السلوك الفرضية شرط ضروري في كل بحث علمي الفلسفة نمط متميز من التفكير ما الذي يبرر ذلك ؟ اللغة و الفكر اللغة والتواصل المسؤولية و الجزاء المشكل الأخلاقي المغالطات في الفلسفة النص لـ غاستون باشلار Gaston Bachelard : النموذج والبراديغم أيهما أجدر بتحقيق العدالة : القانون أم الأخلاق ؟ أيهما أهم في الإدراك : العوامل الذاتية أم العوامل الموضوعية ؟ فلسفة فن النحت لا يوجد غيري فأنا وحدي الذي أقرر الخير واخترع الشر ما الدليل على وجود اللاشعور ؟ ما العلاقة بين السؤال العلمي والسؤال الفلسفي ؟ ما دور الثقافة في حياة الإنسان ؟ ما علاقة الطبيعة بالثقافة ؟ ما قيمة القياس؟ طريقة جدلية مقال حول أصل المعرفة الإشكال مقالة جدلية حول أصل المفاهيم الرياضية لأسئلة مقالة حول الحقيقة العلمية والحقيقة الفلسفية مقالة/ ھل أصل المفاھيم الریاضية تعود إلى العقل أم إلى التجربة؟ منهجية و مناهج البحث العلمي هل الإبداع ظاهرة فردية خاصة ؟ هل الاستبطان كاف لفهم سلوك الإنسان ؟ هل التجربة شرط في كل معرفة علمية ؟ هل المجتمع بالنسبة للفرد أداة قمع أم أداة تحرر؟ هل المجرم المسؤول الوحيد عن جرائمه ؟ هل النسيان مرض ؟ هل الوراثة وحدها كفيلة بإحداث فروق فردية ؟ هل تكفي المنافسة الحرة لتحقيق الرخاء الاقتصادي ؟ هل يشكل الشعور مجمل الحياة النفسية عند الإنسان ؟ هل يقوم الهيجان بوظيفة إيجابية دائما في حياة الفرد ؟ هل يمكن الاستغناء عن الفرض العلمي؟ هل يمكن الفصل بين الإحساس و الإدراك ؟ هل يمكن القول ان العقل هو اساس القيمة الاخلاقية ؟